الثلاثاء، 10 أبريل 2012

تعريف علم النفس

بداية تجدر بنا الإشارة إلى أن لكل علم من العلوم موضوع خاص يتخذه محور دراسته، فعلم الفيزيقا يدرس خواص المادة وخواص الطاقة بمختلف صورها، وتحول بعضها إلى بعض، وعلم الكيمياء يدرس تركيب المواد المختلفة وتفاعل بعضها مع بعض، وعلم الأحياء والبيولوجية يدرس تكوين الكائنات الحية ونشاطها ونموها وتكيفها للبيئة التي تعيش فيها ... وعلم الاجتماع يدرس حياة الجماعة ومشاكلها ومختلف أشكال التنظيم الاجتماعي فيها.

أما علم النفس فنجد له تعاريف كثيرة ومن أهمها نذكر ثلاثة، ما يلي:

-         إنه العلم الذي يدرس الحياة النفسية وما تتضمنه من أفكار ومشاعر وإحساسات وميول ورغبات وذكريات وانفعالات.
-         إنه العلم الذي يدرس أوجه نشاط الإنسان وهو بتفاعل مع بيئته ويتكيف معها.
-         إنه العلم الذي يدرس سلوك الإنسان، أي كل ما يصدر عنه من أفعال وأقوال وحركات ظاهرة.

وانطلاقا من هذه التعاريف نستطيع القول إن علم النفس يدرس:

-         كل ما يفعله الإنسان ويقوله، أي كل ما يصدر عنه من سلوك حركي أو لفظي كالمشي والجري والأكل والكتابة والكلام والضحك ...
-         كل ما يصدر عنه من نشاط عقلي كالإدراك والتذكر والتخليل والتفكير والتعلم والابتكار ...
-         كل ما يستشعره من تأثيرات وجدانية وانفعالية كالإحساس باللذة والألم، وكالشعور بالضيق أو الارتياح، بالحزن أو الفرح بالخوف والغضب، وكل ما ينزع إليه، أو ما يريده ويرغب فيه أو ينفر منه وينبذه.

موضوع دراسة علم النفس

قد يتضح لنا من خلال ما سبق ذكره أن علم النفس يدرس ثلاثة أوجه من النشاط، نشاط أو سلوك حركي لفظي، سلوك ظاهري خارجي، موضوعي يمكن أن يلاحظه وأن يبحثه أشخاص آخرون كثيرون غير الشخص الذي يصدر عنه، نشاط ذهني عقلي وجداني انفعالي لا يمكن أن يشعر به وأن يدركه وأن يلاحظه إلا صاحبه وحده دون غيره من الناس، هذه الأوجه المختلفة من النشاط الحركي اللفظي والجسمي والعقلي والانفعالي التي تبدو في تعامل الإنسان مع بيئته وتفاعله معها، والتي تعكس تأثيره فيها وتأثره بها، هي موضع دراسة علم النفس.


مباحث علم النفس

إن علم النفس الحديث كغيره من العلوم الطبيعية والاجتماعية يصف الظواهر التي يدرسها وصفا دقيقا، ثم يفسرها في ضوء قوانين ومبادئ عامة، فكما وصل علم الفيزيقا إلى قانون (بويل) الذي يبين العلاقة بين حجم الغاز وضغطه إذا بقيت درجة الحرارة ثابتة، وكما وصل علم الكيمياء إلى قانون (بقاء المادة) وكما وصل علم الاقتصاد إلى قانون (العرض والطلب) كذلك يحاول علم النفس الحديث أن يظفر بقوانين ومبادئ عامة في موضوعات التعلم والتذكر والتفكير والانفعال وغيرها، بل وصف مختلف أشكال السلوك الإنساني السلوك الفطري والسلوك المكتسب، السلوك الذكي والسلوك الغبي السلوك السوي العادي والسلوك الشاذ المنحرف، السلوك الاجتماعي والسلوك المضاد للمجتمع، السلوك الثابت والمتقلب ... ثم يبحث عن الشروط والعوامل التي لا يتم هذا السلوك دونها، أي عما يقوم وراء هذا السلوك من استعدادات كامنة ودوافع شعورية وغير شعورية، إذ كثيرا ما لا يكون الفرد شاعرا بما يحركه من دوافع، هذا فضلا عن الظروف الخارجية المختلفة التي ينبعث فيها هذا السلوك.
.







أهداف علم النفس     

إذا كان علم النفس الحديث هو علم السلوك كما أشرنا سابقا فإن له أهدافا يريد الوصول إليها وتحقيقها ونذكر منها ما يلي:

- فهم السلوك وتفسيره.
- ضبط السلوك والتحكم فيه بتعديله وتحويره وتحسينه.
- التنبؤ بما سيكون عليه السلوك.

بيد أن الهدف الأساسي والنظري لعلم النفس يكمن في جمع الوقائع وصياغة المبادئ العامة والقوانين التي يمكن بها فهم السلوك وتفسيره تفسيرا علميا، فهو يساعدنا على فهم أنفسنا وفهم من نعاشرهم ونعاملهم ونتعامل ونتفاعل معهم من الناس.


خصائص علم النفس


بات مؤكدا أن علم النفس اليوم لا يهتم بماهية النفس أو نشأتها خلودها ومصيرها، فهذا من اختصاص الفلسفة فهو اليوم علم السلوك لا علم النفس، فكما أن علم الأحياء لا يهتم بالبحث في ماهية الحياة بل يدرس تكوين الكائنات الحية ونشاطها ونموها وتطورها، كما أن علم الفيزيقا لا يبحث في ماهية المادة أو الطاقة، بل في خصائص المادة والضوء والصوت والحرارة والكهرباء والمغناطيسية ومظاهر كل منها.

كذلك علم النفس الحديث لا يبحث في النفس، بل في السلوك فهو علم يدرس السلوك بمنهج البحث العلمي الذي تتبعه العلوم الطبيعية كالفيزيقا والكيمياء، والذي يعتمد على الملاحظة المنظمة والتجارب المضبوطة، لا على التأمل البحت والملاحظة العارضة وما يجري على ألسنة الناس من قصص وروايات عن سلوك الإنسان والحيوان، فهو لا يهتم بما يسمى بالبحوث الروحانية كتحضير الأرواح ولا بالمسألة الميتافيزيقا الماورائية، وكما لا يدعى تحليل شخصيات الناس ومعرفة أخلاقهم وأسرارهم من سمات وجوههم أو من بريق عيونهم ولا يدعي أيضا أنه يستطيع التكهن بالمستقبل على غير أساس علمي، أو يستطيع معرفة الخلق أو الإرادة من تحليل خطوط الناس أو من إلقاء نظرات خاطفة على وجوههم وليس أبعد منه أن يرغم مزاولة العلاج النفسي أو تقوية الإرادة أو تحسين الشخصية عن طريق المراسلة كما يفعل بعض الناس.

فيهتم علم النفس اليوم بالنواحي التطبيقية، من أبرزها رفع مستوى الكفاية الإنتاجية في المؤسسات والمصانع، وتحسين العلاقات الإنسانية بين الرؤساء والمرؤوسين والمحافظة على الصحة النفسية للفرد، وحل المشكلات التعليمية والسلوكية التي تعترض المدرسة، وللمشاريع في ميدان التربية والتعليم ومساعدة الناس على التكيف والتوافق والتلاؤم  مع بيئاتهم الاجتماعية المختلفة: في البيت وفي المدرسة وفي المصنع وفي النادي وفي المؤسسات وفي الجامعات وفي الجيش ...


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق